تظن كثيراً من الأمهات أن طريقة مونتيسوري لا تطبق إلا في حضانات خاصة، ولكني اكتشفت أنه يمكن تطبيقها في البيت. الموضوع بسيط وغير معقد بالمرة ولا يحتاج بالضرورة إلى دورة أو دبلومة (إلا من أراد التعمق والاستزادة في العلم) ولكنه فقط يحتاج إلى الصبر.
مبادئ عامة للتطبيق:
قبل اقتراح أفكار عملية للتطبيق، من المهم أن تتعرفي على هذه المبادئ التي ستفيدك في التطبيق السليم المبني على الفهم وابتكار المزيد من الأفكار:
1- يمكنك مساعدة طفلك لا خدمته؛ اعتماد الطفل على نفسه هو جوهر طريقة مونتيسوري، يمكنك تحقيق ذلك من خلال:
أ- التدرج في تعليمه عن طريق البدء بالأنشطة السهلة أو التي تتكون من خطوة واحدة، ثم الأكثر تعقيدًا، وهكذا فمثلًا يتعلم صب الماء قبل غسل الأطباق.
ب- أداء الشيء الذي تريدين أن يتعلمه اعمليه أمامه وببطء حتى يتعلم أداءه بنفسه.
2- البيت هو أهم بيئة يتعلم فيها الطفل وينمو، لذا يجب ترتيبه بطريقة تراعي احتياجاته وتحقق له الراحة. كما يجب توفير وقت للطفل مع أهله ليلاحظ كيف يتصرفون ويتعلم منهم.
3- في كل جزء من البيت يجب أن يعرف الطفل ما هو متاح له وما هو ممنوع، البيئة التي تتسم بالحرية + الحدود، توفر للطفل: الاستقلالية + الحماية + حماية حقوق الآخرين. مثلًا علميه أن الريموت ليس للعب.. ألا يمس عيون البوتجاز أو يقترب منه، دعيه يقترب منه ليشعر بالحرارة، وفي نفس الوقت خذي احتياطاتك لإبعاد الأشياء غير المسموح بها عن متناوله.
4- يتعلم الطفل بشكل أفضل من خلال اتباع روتين يومي ثابت، لأن هذا يساعده على معرفة المتوقع منه. مثال: عندما يتناول طعامه دائمًا في المطبخ مع الوقت يعرف حدود بيئته، ويعرف كيف يتصرف ويصبح مطيعًا، ويتعلم بشكل أسرع.
5- كثيرًا ما يترك الطفل ألعابه، لأنه يريد تقليد الكبار في الأنشطة العملية التي يقومون بها. وهدف الطفل من ممارسة هذه الأنشطة غير هدف الكبار، فبينما هدف الكبير خارج عن العمل (مثلًا غسل الأطباق لنتمكن من الأكل فيها مرة أخرى) يكون هدف الطفل هو العمل نفسه، إنه يستمتع بالعملية ويتعلم خلالها الكثير.
أفكار عملية لتطبيق مونتيسوري في المنزل:
1- دعي طفلك يحمل الأشياء الثقيلة (طبعًا بالدرجة التي يتحملها) ويمشي بها، فهذا يساعده على تنمية عضلاته وتوازنه وشعوره بالقوة ويشجعه على أن يصبح كبيرًا.
2- قومي بطي الغسيل أمامه خطوة خطوة ثم ضعيه مكانه، مع الوقت سيتعلم أن يفعل ذلك بنفسه (راعي اختيار القطع ذات الأحجام التي تناسب حجم طفلك).
3- افعلي نفس الشيء مع تعليق الملابس: ضعي الشماعة على السرير، افتحي أزرار القميص، أدخلي الشماعة في أحد كتفي القميص.. وهكذا. اتبعي نفس الأسلوب في تعليمه ارتداء ملابسه.
4- علمي طفلك كيف يرحب بالضيوف عن طريق النظر في العين، ومد اليد للسلام، اشرحي له معنى كلمات الترحاب. وإذا كان ممن لا يشعرون بالراحة مع الغرباء بسهولة فلا تضغطي عليه، ودعيه يتعلم بسرعته الخاصة.
5- يجب أن يكون لطفلك غرفة خاصة إن أمكن أو ركن خاص يتعلم العناية به، فيكون له دولاب (أو مجموعة أرفف) خاص يضع فيه أدواته وألعابه وملابسه. واحرصي على أن تكون الأرفف الخاصة بالطفل في متناول يديه، وأن تكون ألعابه مرصوصة بطريقة تمكّنه من تناولها وإعادتها إلى مكانها بسهولة. وإذا كانت الألعاب كثيرة، فيمكن تخزين الألعاب الزائدة في مكان آخر ومساعدة الطفل على اختيار ألعاب الأسبوع.
6- خصصي ركنًا للطفل في غرفة المعيشة (وغرفة الضيوف) ومكانًا يضع فيه ألعابه، ليكون معكم أكبر وقت ممكن ويتعلم منكم. اجعلي الألعاب المتاحة في هذا الركن قليلة حتى لا يتشتت انتباه الطفل وبدليها من وقت إلى آخر.
7- عندما يسكب طعامًا أو شرابًا على الأرض علميه تنظيفها بدلًا من الصراخ في وجهه.
8- في المطبخ، ضعي لطفلك مريلة صغيرة لتقيه من الماء عند تعليمه غسل الأطباق. وخصصي له صندوقًا به بعض الأدوات التي يمكنه استخدامها واللعب بها أثناء وجوده معكِ في المطبخ. علميه خطوة بخطوة: تقطيع الخضراوات والفاكهة، تقليب العجين، عصر الفاكهة، تنظيف الخضراوات... إلخ.
9- في الحمام، علمي طفلك كيف ينظف أسنانه (يستطيع الطفل أن يفعل ذلك بدءًا من سن الثالثة والنصف)، كيف يغسل يديه، كيف يدعك جسمه باللوفة أثناء الاستحمام، ومع الوقت كيف يغتسل بنفسه مع البقاء معه في الحمام والقيام بأي شيء آخر تحسّبًا لتعرضه لأي خطر أو احتياجه لأي مساعدة.
10- أثناء التسوق أبقيه منشغلًا معكِ حتى لا يزعجك، فمثلًا اطلبي منه مساعدتك في اختيار وإحضار الأشياء التي تودين شراءها، أديري معه حوارًا حولها (مثال: من أين يأتي اللبن؟ وما فوائده؟). وعند العودة دعيه يساعدك في وضع البقالة أماكنها وغسل الفاكهة... إلخ. اتفقي معه على تخصيص يوم في الأسبوع يشتري فيه ما يريد، مما يعلمه ضبط النفس.
11- لعبة الصمت: الصمت من المهارات المهمة في تعلم التفكر والاستماع وضبط النفس، اتفقي مع أفراد الأسرة أن يصمت الجميع لمدة دقيقة مثلًا، والتركيز في كل ما نسمعه من أصوات، بعد انتهاء الوقت اسأليه بصوت هامس عن الأصوات التي سمعها، وأديري معه حوارًا حولها.
12- عند ذهاب طفلك إلى النوم، اجلسي معه وهو مستلقٍ على السرير في جو هادئ، وتحدثي معه عن يومه: ما أنجزه، ما أسعده، ما أحزنه أو ضايقه، ما أخطأ فيه وكيف يمكنه تفادي أخطائه. إن هذا يعلّم الطفل التعبير عن مشاعره، وتحليل أفكاره وأفعاله وتطوير نفسه، ويساعد على الاسترخاء قبل النوم.
على الرغم من بساطة الأمر لكنه بحاجة إلى صبر، فالأشياء التي اعتدتِ على فعلها بسرعة وبدون تفكير ستتطلب منكِ وقتًا أكبر، وهذا ليس سهلًا بالطبع خصوصًا في ظل تسارع إيقاع الحياة وكثرة المسؤوليات، ولكن الأمر يستحق لأنكِ توفرين الوقت على المدى الطويل، حيث سيتعلم طفلك أن يعتمد على نفسه في هذه الأشياء بدلًا من الاعتماد عليكِ طوال الوقت، والأهم من ذلك أن الطفل القادر على غسل يديه وارتداء ملابسه بنفسه وغيرها من الأشياء البسيطة يكون مستعدًا لدخول العالم والعثور لنفسه على مكان فيه، فيصبح شخصًا مستقلًا نافعًا.
للاستزادة: أنصحك بكتاب "د. ماريا مونتيسوري في البيت العربي" (مكتبة دار الكلمة).
كُتبت بواسطة : أ/هدى الرافعى
نقلاً عن http://www.nooun.net/